الانزياح النفسي والرمزية الأدبية في قصة (ليلة هلع عند ناهد)


  الانزياح النفسي والرمزية الأدبية: دراسة فلسفية لقصة -ليلة هلع عند ناهد- للقاص عبد القهار الحجاري..



حمزة اغزيل 

كلما أعدت قراءة نصوص عبدالقهار الحجاري يزداد انبهاري بقدرته على صوغ القصة القصيرة كفن مكتمل الملامح... فهو كاتب يجمع بين عمق الثقافة وحس الإتقان، فتغدو تجربته القصصية أشبه بمدرسة متفردة تمنح القارئ دروسا في اللغة والتكثيف، كما تكشف عن مهارة نادرة في تشييد عوالم تُوازن بين الواقعي والخيالي، بين الملموس والغرائبي، في انسجام يفتح النصوص على آفاق رمزية واسعة… 

وتعتبر القصة التي بين أيدينا: ليلة هلع عند ناهد واحدة من روائع الحجاري، وهي ضمن المجموعة القصصية التي تحمل الاسم نفسه، بجانب نصوص أخرى تشترك في هذا الإحساس بالكثافة الرمزية والانزياح النفسي… وقد صدرت في طبعتها الأولى عن دار عبودة برانت للطباعة والنشر" بتازة، 2022، وهي من الحجم المتوسط تضم اثنين وثلاثين نصا سرديا بين قصة قصيرة وقصة قصيرة جدا…

وقد اعتنى بتحليل القصة وتفكيك رمزياتها العديد من الأدباء والنقاد مثل الكاتب والناقد المصري سيد الوكيل، ودكتور حمدي النورج، وماهر الصغيران، ومحمد صالح البحر، وليندة كامل، كما تُقدم ورقتي الحالية إضافة رمزية متجددة أمام قراءات هؤلاء النقاد من نخبة مثقفي العالم العربي، وهو ما يمهد لدخول أعمق إلى عالم النص، حيث العنوان يفتح فضاء مزدوجا: فضاء الليل الذي يحمل صمته الثقيل، وفضاء الهلع الذي ينسج علاقة متوترة بين الذات والعالم… الاسم الأنثوي في العنوان يشي بحضور غامض، يكتسب طابع الغواية والخطر معا، فيتسع ليشمل كل أبعاد السرد في المجموعة... من هنا تنبثق أسئلة تفرض نفسها: من تكون ناهد، وما طابع حضورها في هذا العالم المشحون بالرهبة؟ كيف يتحول الهلع إلى لحظة يكتسب فيها الزمان كثافة شعورية، وماذا يكشف هذا التوتر عن علاقة الإنسان بذاته وبالآخر؟ 

العنوان يتحول إلى نواة فكرية تتشعب منها هذه الأسئلة، فتفتح المجال لقراءة فلسفية معمقة، تقودنا مباشرة إلى تجربة الهلع بوصفه حالة شعورية مركبة، تحمل ثقل الليل وحضور الغياب في ذاتية السارد... 

في اللغة، الهلع يُعرف كاضطراب مفاجئ في النفس، شعور بالغموض يلهب الحواس ويربك الإدراك، يقترب من الذعر ويختلط بالخوف المفاجئ والمستمر في آن واحد... وفي الفلسفة، يتجاوز الهلع مجرد الشعور ليصبح تجربة وجودية، حيث ينهار الشعور بالأمان ويظهر الإنسان في مواجهته للعدم، في حالة تتأرجح بين الرغبة في السيطرة والانكشاف أمام مجهول يكتسب كثافة معنوية، كما لاحظ هيغل في تحليلاته للوعي الذاتي، أو لدى سارتر عندما يصور الرعب أمام حرية الإنسان المطلقة... اما في علم النفس، الهلع يُدرس كتفاعل فطري للجسم والعقل أمام تهديد محسوس أو متخيل، يظهر في اضطرابات مفاجئة تصيب الفرد بالارتباك الجسدي والعاطفي، كما في نوبات الذعر أو في استجابة -الكر أو الفر-، وتزداد شدته حين يفقد الإنسان إحساسه بالتحكم في المحيط… أما في الأدب، الهلع يتحول إلى أداة لتكثيف التجربة الروائية والخيالية، فهو يخلق حالة من الرهبة والاغتراب تعكس صراعات النفس أو تضخمات العالم الخارجي… في أعمال إدغار آلان بو، مثل القلب الوفي وسقوط بيت آشر، يظهر الهلع عبر الأجواء المشحونة بالغموض والتفاصيل الرمزية... عند فرانز كافكا، يتجسد في المسخ كحالة اضطراب متصلة بالغريب والاغتراب، بينما في الأدب العربي، نجد في نصوص يوسف زيدان أو غسان كنفاني تصويرا للهواجس والهلع النفسي الذي ينشأ من مواجهات الشخصيات للمدن المجهولة أو الظروف القاسية، أو في قصص صالح علماني التي تعكس صراع الإنسان مع ذاته في فضاء مشحون بالقلق..

بهذا يتضح أن الهلع يشكل بعدا مركزيا للتجربة الإنسانية، يربط بين الذات والآخر، بين الرغبة والخطر، بين الواقع والخيال، ويهيئنا لفهم العمق النفسي والرمزي في قصة ليلة هلع عند ناهد كما سنرى في التحليل التفصيلي القادم… أما اسم -ناهد- فيحمل في اللغة دلالات تتعلق بالارتقاء، بالعلو، وبما يلفت النظر إلى جوهر الجمال والحضور، ما يجعل اختياره في القصة إشارة متقنة إلى شخصية تتجاوز حدودها الفيزيائية لتصبح رمزا لتجربة الهلع والغواية معا... كما أنه في النصوص الرمزية، للأسماء قدرة على تشكيل الوعي بالذات والعالم، فهي مفتاح لفهم الطبقات النفسية والاجتماعية التي يسبرها الكاتب، ودليل على وعيه العميق بتأثير العلامة اللغوية على الإدراك الشعوري للقارئ…

الأدب في هذه الرؤية يصبح أداة لصياغة الواقع الإنساني، لكنه لا يكتفي بعكسه كما هو، بل يخلق أبعادا جديدة للزمان والمكان، ويعيد تشكيل الواقع النفسي والاجتماعي من خلال عدسة خيالية دقيقة... في هذا الامتداد، تتقاطع الفلسفة مع العلوم الإنسانية، وتتشابك مع اللغة والتخييل لتنتج نصا يقرأ الإنسان من خلاله ذاته وعلاقاته بالعالم، ويستكشف الصراعات الداخلية والخارجية التي تصوغ التجربة الإنسانية…وبالتالي فإن الكاتب الذي يعرف توظيف هذه الموارد جميعا، يصبح قادرا على خلق عالم مواز، مفعم بالرمزية والتحليل، يفتح أمام القارئ إمكانيات رؤية جديدة للواقع، حيث تتجلى الحقيقة في صورة فنية صافية، بعيدة عن الرتابة المباشرة وملتقية بالعمق النفسي والفلسفي…

الانزياح من تمهيدنا العام نحو نص ليلة هلع عند ناهد يبدأ بأول جملة في القصة: -لم أدر ماذا حدث بعد ذلك-… هذه البداية تتقاطع بشكل مثير مع آخر جملة، حيث يظل السارد في حالة فقدان تام للسيطرة على ما وقع، ويُترك القارئ أمام فراغ معرفي يربك الزمن والوعي معا... التساؤلات تتوالد على الفور: هل الأحداث التي يسردها السارد وقعت قبل هذه اللحظة أم بعدها؟ وهل يمكن أن تُصنف كوقائع حقيقية، أم أنها تنتمي إلى فضاء الخيال والهواجس الداخلية؟

الجملة الأولى تضع السرد في قلب تجربة متوترة، حيث الزمن متشظ والوعي مشتت، فتتحول القراءة إلى رحلة للتفكيك ومحاولة التمييز بين الحقيقة والوهم... كل حدث، كل حركة، كل صوت أو ضوء في النص يصبح بمثابة انعكاس محتمل لحالة نفسية أكثر منها مجرد واقعة فيزيائية... بهذا، يصبح السرد آلة لإثارة التساؤلات حول ماهية الواقع وعلاقته بالتصور الذاتي، وعن الحدود بين الرغبة والهلع، بين الانجذاب والخطر، بين ما هو موجود بالفعل وما يتخيله العقل المتوتر، لتتسع تجربة القارئ إلى ما هو أبعد من حدود النص المباشر…

يبدأ السرد من تقاطع الوعي مع العدم، حيث السارد يجد نفسه في -حالة سرد- تكاد تكون وسيلة للنجاة من الذعر، لكنها في الوقت ذاته كشف عن هشاشة الذات أمام المجهول... الارتباك الذي يعيشه في الشوارع الخالية والرحلة المديدة في القطار تعكس حالة نفسية تتشابك فيها الوحدة مع الرهبة، وتندمج الحركة الخارجية للمدينة مع الاضطراب الداخلي للسارد... هذا الانزياح بين الداخل والخارج يخلق فضاء مضمرا للقلق، يذكر بكتابات ألان بو عن المكان والزمان المأهولين بالغياب، أو بسيناريوهات كافكا حيث يتآكل الإحساس بالواقع تحت ضغط التفاصيل الصغيرة المبالغ فيها...

مدخل المقهى؛ الزجاج المزدوج؛ الأضواء غير المنتظمة؛ وحتى الرسم الكاريكاتوري لرجل الخدمة، كلها عناصر تضيف كثافة رمزية للفضاء، فتتحول المدينة الفارغة إلى مساحة كابوسية، والمحل المفتوح إلى فخ مغري ومخيف في آن معا... كل تفصيل يحمل إشارة مزدوجة: دلالات على المألوف والإشباع الجسدي، في مواجهة انعدام النظام والتناسق الذي يشبه حالة العقل المربك... دقات قلب السارد، الانجذاب القسري نحو الداخل، وتساؤلاته عن فقد الإرادة، كلها أشكال لتعبير وجودي عن الصراع بين الرغبة والسيطرة، بين الإدراك والإغراء الذي يحمله الغريب والمريب…

الفضاء الداخلي للمقهى يعكس فلسفة التفكك والاختلال: الحركة والصوت والضجيج تتزامن مع الفراغ، فلا وجود لآخرين، لكنه يشغل كل الحواس… الزجاجات المعوجة والخزانة المفتوحة تعكس وجوها من الواقع المشوه، كأنها تحاكي وعي السارد المضطرب، وعلبة الوعل المعلقة تحمل وزن الرهبة والذكريات الجمعية، فهي صورة الموت الحي والمراقبة الصامتة في الوقت ذاته... هذا التراكب بين الملموس والرمزي يخلق ما يمكن تسميته بـ-الواقع النفسي المكثف-، حيث كل عنصر مادي يتحول إلى مؤشر على الداخل النفسي، وكل حركة أو صوت أو رائحة تتصل مباشرة بالحالة الشعورية للسارد…

اللحظة التي يجلس فيها السارد قرب الباب تحمل توترا متراكما بين الفضول والخوف، بين الرغبة في الانسحاب والإغراء الذي يفرضه الداخل الغامض…الضحكات الصاخبة والموسيقى والدخان تتشابك في فضاء المكان، فتخلق وهم الحركة والوجود، بينما الغياب الفعلي لأي شخص آخر يجعل الصوت والصمت والصدى أدوات للتحكم بالعقل والوعي…الصوت الذي يوقف السارد لا ينتمي إلى شيء مألوف، فهو صادر من عمق لا يُرَى، جهير وأجش، فيتجمد الدم في العروق، ويصبح الحضور النفسي للآخر أكثر كثافة من أي وجود مادي…

المرأة الغامضة، التي تحجب قدميها، تتخذ شكل الطيف الحسي الذي يجمع بين الجمال والرهبة…جسدها يتنقل بين الطاولات، والملامح مبهرة وغائبة في الوقت نفسه، ما يحيل النظر إلى نزاع داخلي مستمر بين الانجذاب والخوف... التركيز على أجزاء جسدها دون القدرة على إدراك الكل يعكس تجربة الفرد أمام الغرابة: كيف يمكن للوعي أن يتابع شيئا واحدا بينما يتفلت الواقع من بين الأصابع؟ اسم -ناهد- يثقل حضورها بالمعنى الرمزي، فتتحول إلى رمز للجمال المهيب الذي يواجه الهلع، ويمثل الرغبة التي تتزامن مع الخطر…

الدخان الذي تتصاعد منه دوائر الهواء، الموسيقى الصاخبة، الفونوغراف المهتز، كلها طبقات صوتية وحسية تؤكد على الانقسام الداخلي للسارد، وتجعل من المكان مشهدا نفسيا متحركا... الجمال المقترن بالخطر يثير التساؤل: هل يقهر الجمال الخوف، أم يضاعفه؟ هنا، يصبح النص دراسة لتفاعل الإغراء مع الهلع، حيث كل حركة للمرأة، وكل تلاعب بالضوء والدخان، يعمل على تضخيم حضور اللاواقع، وتفجير قلق الذات في مواجهة الآخر المجهول…

غياب رؤية الأرجل لدى المرأة الغامضة يحمل دلالة مزدوجة تتقاطع مع أسطورة مألوفة في الثقافة المغربية، حيث يُقال إن الجن حين يتخذون هيئة بشرية، تبقى أرجلهم أرجل حيوانات، علامة على اختلاط الواقع بالغيب، وعلى حضور المجهول في شكل مألوف وغريب في الوقت نفسه... هذا الغموض يغذي شعور الهلع لدى السارد، ويمنحه بعدا فوق الواقع الحسي، فيصبح المكان مشحونا بالريبة والارتباك، وكأن كل شيء يمكن أن يتحول إلى وهم أو شبح…

الهلع هنا يتجاوز كونه مجرد ردة فعل لحركة أو صوت، ليصبح استجابة لفقدان اليقين أمام ما يمكن أن يكون حقيقيا أو متخيلا... كل ضحكة، كل حركة، وكل تلاعب بالضوء والدخان يعزز شعور السارد بالانزلاق بين الواقع والخيال، ويضاعف إحساسه بالغربة والتهديد… الرمزية في إخفاء الأرجل تشبه نافذة إلى اللاوعي الجمعي، حيث تمتزج الرهبة بالغواية، ويصبح الجمال محاطا بالريبة، فتتحول تجربة السارد إلى مشهد نفسي متكثف يعكس الصراع بين الإدراك والحلم، بين الرغبة والخوف، بين الإنسان والآخر الماورائي…

الغموض يتضاعف مع طلب السارد الحساء والسمك، فيتسع الفراغ الداخلي للقلق مع الفراغ المادي للمحل شبه الفارغ، حيث تتحول الأشياء اليومية إلى علامات للريبة واللايقين… القط الأبيض، بعينين حمراوين وشارب أسود، يصبح رمزا للمراقبة الصامتة، للتهديد المحتمل، ولحضور المجهول في وسط مألوف، فيتقاطع الهلع الشخصي مع ما يشبه الرمز الشعبي للغريب أو الخارق، ويعيد إلى الوعي الثقافي إشارات الأساطير التي تشي بالخطر حين يتخذ الحي شكلا مألوفا...

الصحن الأسود والزلافة المعوجة، مع الحركات الدقيقة للمرأة بلا ملامح، تضيف طبقة من الانزياح الواقعي، فتختلط الحسية بالغموض، والجمال بالخطر، وتتلاقى الرغبة بالهلع في تجربة واحدة متشابكة… اللحظة التي ينظر فيها السارد إلى المرآة ويكتشف وجها بلا ملامح تعكس صدى فقدان الذات، وتحوله إلى جزء من عالم متقاطع بين الخيال والواقع، حيث كل حضور للآخر يتحول إلى اختبار لإدراكه وحدوده…

المكان كله يتحرك بين الحضور والغياب، بين الصوت والصمت، بين الضوء والظلام، فيصبح كائنا حيا له إرادته الرمزية: المصابيح الخافتة التي تنطفئ تدريجيا، الدخان الذي يزحف في الهواء، الموسيقى الصاخبة التي تتوقف ثم تعود، كلها أدوات لتكثيف الإحساس بالهلع والتحكم في الانفعال النفسي للسارد... الغياب المفاجئ للمرأة، القط الذي ينام على الطاولة، الأصوات المزدحمة التي تتبدل، كلها رموز لتناقضات الواقع النفسي والاجتماعي: الرغبة والحذر، الانجذاب والخوف، الحياة والموت الرمزي…

هنا، يصبح النص دراسة معمقة لوعي الإنسان في مواجهة ما هو مجهول وغريب، حيث كل عنصر مادي يتحول إلى مرآة للذات، وكل حركة أو صوت يعيد تشكيل إدراك الواقع النفسي، ويضع القارئ في مواجهة صراعات الوعي واللاشعور، بين السرد والخيال، بين الرهبة والإغراء، لتتسع التجربة إلى ما هو أبعد من حدود القصة المباشرة، في عالم رمزي يحلل الواقع بعين فلسفية ونفسية متداخلة…

من ناحية اللغة، تتسم القصة بقدرة فائقة على التكثيف والدقة، حيث تتحرك الجمل بين الوصف الحسي والانفعال النفسي بسلاسة، وتنسج إيقاعا يواكب تصاعد الهلع والغموض، فتصبح اللغة أداة فلسفية لإيصال تجربة الذات والآخر في فضاء رمزي متكثف… وقد تناولتْ هذه الجوانب بالتفصيل في ورقة نقدية أعدتها الدكتورة زكية العقوري، مركزة على الخصائص اللغوية في نص عبد القهار، وكيف تساهم في خلق أبعاد نفسية وفلسفية تتجاوز حدود السرد المباشر، وتفتح للمتلقي آفاقا واسعة للتأمل في الرمز والواقع والخيال…


#المراحع

1- المراجع العامة في الأدب والفلسفة النفسية: أفكار حول الهلع، الغرابة، والانزياح النفسي، مستوحاة من:

-إدغار آلان بو: القلب الوفي وسقوط بيت آشر (لفهم الرمزية النفسية والهلع في الأدب)

-فرانز كافكا: المسخ (للتجربة الغريبة والاغتراب)

-فلسفة هيغل وسارتر: حول الرهبة والوعي والوجود.

2-الثقافة المغربية والأسطورة الشعبية: رمزية الجن وأرجلهم عند اتخاذ شكل بشري، التي استُخدمت لتفسير الرهبة والهلع في القصة.

 3-تحليلات سابقة لأدباء ونقاد: مثل ورقة الدكتورة زكية العقوري حول اللغة في نصوص الحجاري، وأبحاث أدبية لنقاد مثل سيد الوكيل، حمدي النورج، ماهر الصغيران، محمد صالح البحر، وليندة كامل، كمراجع سياقية لما يمكن أن يقدمه النص من أبعاد فلسفية ونفسية..

#حمزةاغزيل

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال